برنامج جامع السنة النبوية
Abstract
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
فإن عناية الأمة بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم من أعظم الجهود التي ملأ كتب العلم والتاريخ خبرها، فقد تتابعت الجهود وتنوعت الأساليب وتعددت الابتكارات في صناعة منهجية علمية دقيقة ومنضبطة؛ تدل على منزلة السنة ومكانتها في قلوب المسلمين.وكان الدافع لتلك الجهود هو ما يؤمن به المسلم من دين وما يعمل به من شريعة تقوم في معرفتها على ما جاء في كتاب الله تعالى وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.ولهذه المنزلة والأهمية لم تنقطع الجهود ولم تتوقف الابتكارات في الحفاظ على السنة والاهتمام بها وضبطها وتسهيلها للناس، حتى عصرنا الحاضر؛ حيث عصر التقنيات الرقمية والمكانز المعلوماتية .في أواخر الثمانينات أنشأت شركة صخر للبرامج مركزاً للتراث الإسلامي، ابتدأ باكورة انتاجه في أول مشروع حاسوبي لخدمة السنة النبوية؛ في خدمة صحيح الإمام البخاري رحمه الله تعالى، وكان يعمل على نظام التشغيل "DOS"، ثم تبعه العمل على برنامج صحيح مسلم، ثم بقية الكتب التسعة تباعا: السنن الأربع ثم مسند أحمد فالموطأ فسنن الدارمي.وفي عام 1985م استقل مركز التراث الإسلامي؛ ليكون شركة جديدة متخصصة في البرمجيات الإسلامية تحت مسمى شركة حرف لتقنية المعلومات، وكان للشركة الريادة المطلقة في مجال خدمة السنة النبوية من خلال تقنية الحاسب الآلي؛ حيث أنتجت في عام 1995 "موسوعة الحديث الشريف" ليكون أول برنامج حاسوبي في هذا المجال وليمثل فتحاً عظيماً ونقلة نوعية فتحت الباب على مصراعيه لكل الجهود اللاحقة في هذا الشأن وليصدق فيها أن من جاء بعدها في هذا فهو عيّال عليها. لقد أحدث ذلك البرنامج دوياً مذهلاً واحتفت كثير من الدوائر المتخصصة في العالم العربي والإسلامي ونال العديد من الجوائز.
وطوال الفترة التالية لذلك الإصدار وتحديثاته؛ كانت الشركة تتلقى الملحوظات والمقترحات، وتتطلع إلى تطوير نوعي لهذا البرنامج، وتجري الدراسات تلو الدراسات.
في عام 2007م وتتويجاً لجهود الشركة ودراساتها في تطوير البرنامج؛ حظيت الشركة بشرف تبني الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء للمنتج الجديد "جامع السنة النبوية" بدعمها الكامل وتحت إشرافها ومتابعتها، وابتدأ العمل بتكوين لجنة علمية للإشراف على العمل من المتخصصين في السنة النبوية وعلومها، والمهتمين بالبرمجيات، وهم: أ.د. محمد بن عبدالمحسن التركي، و أ.د. محمد ابن تركي التركي، و أ.د.إبراهيم بن حماد الريس، وتم تكليف فضيلة العلامة الدكتور أحمد معبد عبدالكريم ليكون مستشاراً علميا للمشروع.
بدأت اللجنة في التحضيرات الأولية للمشروع ودراسة متطلباته وإعداد توصيفه العلمي من خلال واقع البرامج والجهود الموجودة، وما لدى الشركة والمهتمين من دراسات وتطلعات، فتم بناء توصيف علمي عالي الدقة؛ خضع لفحص عدد من كبار المختصين، وخصصت له حلقات نقاش مع مختصين في السنة والتقنية؛ كل ذلك للوصول إلى أعلى ما يأمله الباحثون في السنة وعلومها، وأقصى ما يستطيعه التقنيون.
لقد سار العمل بحمد الله في المشروع مسيرة راشدة بما أعد له من توصيف وتخطيط دقيق وبما هيئ له من إمكانات عالية في الإشراف والمتابعة وفريق تنفيذ، ومناهج عمل، وأدوات فحص وضبط جودة؛ مما ستجده مفصلاً في هذه الورقة، وتواصل العمل في البرنامج قرابة ست سنوات حتى ظهر في صورة رائعة حققت كثيراً من متطلبات الباحثين وسُخّر في تحقيقها العديد من التقنيات والمهارات الحاسوبية المبدعة، ولقد انصب الاهتمام في هذا البرنامج على الكيف دون الكم؛ فبالإضافة لاشتمال البرنامج على أمّهَات كتب السنة الحاوية لجل إن لم يكن كل الحديث النبوي الكريم؛ فبالإضافة إلى ذلك اشتمل البرنامج على خدمات علمية فريدة تظهر لأول مرة من خلال توظيف التقنيات في تحليل المعلومات للوصول إلى نتائج تطبيقية عالية؛ كتطبيقات علوم الحديث، والمتن المجمع واختلاف الأسانيد وعلل الأحاديث وغيرها.
وختاماً فالبرنامج يعد بحمد الله قفزة عالية جدا في سماء البرمجيات، ويفتح عصرا جديدا للاستفادة من الذكاء الحاسوبي وتسخيره لخدمة السنة المطهرة، بما يحمله في طياته من خدمات لم يَسبِقْ لها نظيرٌ في برنامج من برامج السنة المطهرة، وما ذاك إلا لأنه حصيلةُ جهد ضخم من البحث والتنظير والمراجعة، قام به جماعة من نبهاء المتخصصين، مستنفرين في ذلك فريقا من أماثل الباحثين ممن لديهم الخبرة والقدرة على تحقيق هذا الإنجاز الكبير غير المسبوق، مما كان يعد يوما ما ضربا من المحال أو حلما يراود الخيال.