نحو مشروع برنامج تفاعلي للتحفيظ الآلي للقرآن الكريم
Keywords:
حوسبة القرآن, التحفيظ الآلي, التقنيات البرمجية, الذكاء الاصطناعي, النظام التفاعليAbstract
يمثل القرآن الكريم النص المؤسس للمعرفة والثقافة والحضارة الإسلامية، إذ يرجع إليه الفضل في إخراج الأمة المسلمة، وتشكيل الهوية الإسلامية، وتكوين العقل المسلم المجتهد في شتى أنواع المعرفة، والمبدع في كل مناحي الثقافة، والمنجز في كل مجالات الحياة، والمنتج في كل ميادين الفعل والإنجاز الحضاري، حتى أسفر أمره عن رصيد هائل وكم كبير، من الإنتاج والإبداع، ومن المعارف والخبرات، ومن العلوم والفنون، ومن الثقافة والحضارة، شيد بها العمران، وأسعد الإنسان، وساد الأرض، وقاد العالم، لعشرة قرون أو أزيد بدون منافس ولا منازع. كما يمثل النص القرآني مرجعية عقيدية وأخلاقية وتشريعية عليا للأمة المسلمة، ترجع إليه في كل أمورها، وتحتكم إليها في كل ما تنازعت فيه أو شجر بينها من قضايا ونوازل، في العقيدة والعبادة والمعاملات والأخلاق، وفي النظم والتشريعات الموجهة للإنسان والمرشدة للحياة، في الاجتماع والاقتصاد والسياسة والثقافة وغيرها من الميادين والمجالات. ورغم الأهمية العلمية والحضارية للنص القرآني الكريم، ورغم التطور الهائل الذي يشهده العالم اليوم في مجال البرمجة والتقنية الحاسوبية، التي أثرت في مختلف مجالات وأنماط الحياة، إلا أن البرامج والأعمال الحاسوبية الموجهة للدعوة إلى الإسلام ولخدمة القرآن الكريم ما تزال في بداياتها وخطواتها الأولى، بمعيار الكم والنوع على حد سواء، ولا تتماشى ولا تعكس مكانة القرآن في حياة المسلمين.
إن القرآن الكريم يمثل هداية سماوية للأمة، وشفاء ربانيا لأدوائها، ومعجزة خالدة، تصنع الصلاح الفردي والجماعي، وتضمن المساواة والعدل بين الناس، وتحث على التأمل والتفكر والاجتهاد وإعمال العقل، لحل المشاكل، وصياغة البدائل، وترقية الحياة، في ظل العبودية الشاملة لله رب العالمين. غير أن بركات القرآن وثمار التزامه والعمل به، لا تحصل إلا بحسن تلاوته وتدبره أولا، ولذلك ، حث رسول الله صلى الله عليه وسلم على تلاوته وتدبره، ونبه على فضله وفضل تعليمه وتعلمه، فقال عليه السلام: (خيركم من تعلم القرآن وعلمه). من هنا جاءت فكرة "برنامج تفاعلي للتحفيظ الآلي للقرآن الكريم" الذي يهدف إلى توظيف أحدث تقنيات البرمجة الحاسوبية وأدوات الذكاء الاصطناعي في تحفيظ كتاب الله تعالى. وهذه الورقة تسعى إلى بلورة مشروع نظام تفاعلي آلي لتحفيظ القرآن الكريم، يستفيد من أحدث التقنيات البرمجية، ويمكن استعماله بطريقة سهلة وميسرة في الكتاتيب والمؤسسات التعليمية وفي حلق التحفيظ في المساجد والبيوت. وأملنا كبير في أن يكون هذا البرنامج عونا وسندا للراغبين في حفظ كتاب الله الكريم وتدارسه ممن لا تتوفر لهم فرص الجلوس إلى المشايخ والمقرئين، وخاصة الجاليات المسلمة المقيمة في بلاد المهجر، وغيرهم ممن يودون أخذ القرآن عن شيوخه دون التزام الحضور بين أيديهم.